تحليل عناصر التكلفة في صناعة التشييد لتقليل الهدر
بمنظور التنمية المستدامة والعمران
Analysis of Cost Factors in Construction to Minimize Waste
From the Perspective of Sustainable Development and Urbanism
نبيل محمد علي عباس
مكتب عباس للإستشارات الهندسية - جدة
المملكة العربية السعودية
Email:
nabil@nabilabbas.comالمستخلص: إن صناعة التشييد تمثل نسبة متوسطة 15% من الناتج القومي لدول الخليج مما يجعل بذل المجهود في سبيل ترشيد التكلفة في هذه الصناعة يعود إيجاباً على الإقتصاد القومي لأي دولة ويصب مباشرة في التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة بسبب ما تستهلكه هذه الصناعة من أراضي ومواد طبيعية وما تفرزه من آثار سلبية على البيئة بسبب عمليات تصنيع المواد المختلفة أو عمليات التشييد ذاتها. إن تكلفة التشييد يمكن تحليلها لمكونات أساسية داخلية هي : الموقع والمواد والعمالة والمعدات والخدمات المساندة وخارجية هي: القوانين المعمول بها والمناخ الإقتصادي في الدولة والمنطقة . هذه الورقة ستلقى الضوء على هذه المكونات الأساسية الداخلية والخارجية وستبحث في مدى تأثير كل منها وكل من عناصرها التفصيلية في الهدر (waste) الذي يمكن ان يحدث في صناعة التشييد. ستركز هذه الورقة على اهم عنصرين يمكن ان يسببا الهدر في هذا النشاط العمراني وتحليل هذه الأسباب حتى نتمكن من وضع الحلول المناسبة لتقليل هذا الهدر وتحسين الكفاءة الإقتصادية لصناعة التشييد بما يعود على المجال العمراني والتنمية المستدامة بالنفع. سوف تقدم الورقة تحليلاً لآراء عينة من العاملين في صناعة التشييد لمعرفة آرائهم عن مقدار الهدر ومصادره بواسطة إستبيان مكتوب وتخضع البيانات المجمعة للتحليل الإحصائي لإظهار النتائج. وتذكر الورقة التوصيات المقترحة لعلاج المشكلة محل البحث مع ذكر المجال في الاعمال المستقبلية للإستفادة من النتائج في توسيع البحث.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكلمات المفتاحية : التكلفة – صناعة التشييد - الهدر
Key words : Cost – Waste - Construction
Theme : Socio-Economic equity in urbanism
المقدمة:
بعض الدراسات تضع الهدر في تشييد المساكن في مدينة جدة بما يعادل مليار ريال سنوياً [1] فإذا طبق هذا على جميع مدن المملكة التي يصدر لها تراخيص من البلديات بحجم كبيرسنوياً وصل في عام 2000 إلى أكثر من 28.000 ترخيص [2] وإذا أضفنا إلى ذلك المشروعات العائدة للجهات الحكومية سنوياً فإن ذلك يظهر أن لدينا مشكلة كبيرة تحتاج إلى البحث لسبر غورها وتحليل عناصرها بهدف الحد من هذا الهدر حفاظاً على المال العام وكذلك لتحسين مناخ الاستثمار داخل الدولة بتحسين العائد على الاستثمار الأهلي بتخفيض كلفة البناء بواسطة تلافي الهدر الممكن في تشييد المساكن الخاصة وكذلك كافة مشروعات التشييد الأخرى سواء مشروعات البنية التحتية أو الصناعية وغيرها. إن هذا البحث يهدف كذلك إلى تقليل الهدر في استخدام المواد الداخلة في صناعة التشييد والتي تضغط بوجودها على البيئة وتؤثر سلباً في التنمية المستدامة بسبب الإستخدام الجائر للمواد مثل الأخشاب أو بسبب ناتج الصناعة السلبي مثل عوادم صناعة الأسمنت وبسبب عمليات التشييد ذاتها وضغطها على مصادر الطاقة وغيرها، بالإضافة إلى التعدي المتزايد على الأراضي المفيدة لأغراض التشييد بسبب الحاجة المتنامية لها والتي يمكن تقليلها برفع كفاءة صناعة التشييد وزيادة العائد منها وتقليل الهدر، وهي منظومة أكبر من أن تدرس في هذه الورقة، ولكن هدف هذه الورقة هو إلقاء الضوء على المشكلة وقرع جرس التنبيه قبل فوات الأوان. بالرجوع للأدبيات المنشورة في صناعة التشييد وجد الباحث أن العناصر المؤثرة على الصناعة هي: موقع المشروع، المواد الداخلة في التنفيذ، المعدات المستخدمة في التنفيذ، العمالة المستخدمة في التنفيذ، والخدمات المقدمة للمشروع (مثل التصميم والإشراف وخدمات التأمين والنقل والضمانات البنكية والرخص الخاصة بالتشييد وبالمشروع وخدمات أبحاث التربة والدراسات المرورية ودراسات السلامة وخدمات ومختبرات المواد ومختبرات الأداء بشكل عام) كما وجد الباحث أن هناك عناصر خارجية عن المشروع ذاته ولكن تؤثر فيه إما مباشرةً أو بشكل غير مباشر وهي: عنصري القوانين المطبقة في الدولة وكذلك المناخ الإقتصادي السائد كما أن الأدبيات [3] تقسم أطراف العلاقة في أي مشروع إلى ثلاثة رئيسين هم: المالك والمقاول والاستشاري وآخرين ثانويين عددهم أكبر من أن يذكر هنا. وبالبحث في مراحل عمر المشروع وجد الباحث في الأدبيات أن المراحل مقسمة إلى مرحلة ما قبل التنفيذ وكذلك إلى مرحلة التنفيذ وما بعده. وتشمل مرحلة ما قبل التنفيذ: الدراسات الأولية والجدوى ومرحلة التصميم والمرحلة الأخرى تشمل مرحلة تنفيذ المشروع ثم مرحلة تشغيله والصيانة الوقائية ثم مرحلة الإحلال و/أو الصيانة الدورية. وفيما يخص الأسباب الرئيسية للفاقد في صناعة التشييد فقد استخلص الباحث من آراء عينة من الخبراء في هذه الصناعة بواسطة المناقشة المباشرة، أن الأسباب يمكن حصرها في محورين أساسين هما: الدراسات اللازمة للمشروع (من ناحية عددها ومستواها الفني ومدى إكتمالها) وكذلك خبرة أطراف المشروع الرئيسيين (المالك والمقاول والاستشاري: مصمم و/أو مشرف). جمع الباحث ما تقدم لعمل هيكل يمكن البناء عليه لإجراء هذا البحث كما سيعرض في هذه الورقة لاحقاً.
منهاج الدراسة:
إعتمدت هذه الدراسة على المقابلات المباشرة مع الخبراء في المجال الهندسي بمدينة جدة من مهندسين استشاريين ومهندسي شركات مقاولات وأكاديميين كما قام الباحث بعمل استبيان بغرض توزيعه على هؤلاء الخبراء لأخذ آرائهم في مدى تأثير العوامل المذكورة آنفاً على موضوع الهدر في صناعة التشييد. قام الباحث بمقابلة العينة المستهدفة التي تم اختيارها عشوائياً ومن مزايا المقابلة المباشرة الفهم الأكبر لإجابات العينة المستهدفة وشرح أي غموض في الاستبيان وحاول الباحث تلافي عيوب هذه الطريقة وهي توجيه أفراد العينة إلى إجابات بعينها أو التأثير في إجاباتهم وذلك بالتزام الحياد بقدر الإمكان في الرد على استفسارات أفراد العينة وعدم توجيههم إلى أي إجابات بعينها. كانت هذه العينة تجريبية بغرض عمل إختبار للإستبيان Pilot Study ثم بعد عمل تصحيحات بسيطة بالاستبيان عممه الباحث على عينة أكبر. كانت الأسئلة مصاغة على أنها ذات إجابات محددة لا تقبل إبداء آراء متشعبة لا يمكن حصرها بسهولة أي كانت الأسئلة Closed Ended (في مقابل الأسئلة التي تمكن أفراد العينة من ذكر مشاعرهم أو خواطرهم أو آرائهم وهي الأسئلة المسماة Open Ended). حاولت هذه الدراسة أن تغطي أكبر قطاع من ذوي العلاقة بالموضوع وأن تكون ممثلة لمجموع هؤلاء دون إقصاء لأي مهنة أو قطاع ذي علاقة بحيث تعبر العينة بشكل جيد عن الشريحة المستهدفة. طلبت الدراسة في الاستبيان الإجابة عن أسئلة بنعم أو لا عن مدى وجود تأثير من عدمه لبعض العوامل الداخلة في صناعة التشييد مثل العمالة والخدمات والمعدات إلخ ... والتي قسمها الباحث إلى جزئين هما المكونات الداخلية للمشروع والمكونات الخارجية، وفي حالة الإجابة بوجود تأثير طلب الإستبيان الإجابة عن مدى قوة هذا التأثير والتي وزعت إلى أربعة درجات تبدأ بالتأثير الضعيف ثم المتوسط ثم القوي ثم القوي جداً. وتم نفس الشيء بالنسبة للسؤال عن تأثير المراحل المختلفة للمشروع على الوفر فيه وملافاة الهدر وقسم الاستبيان المراحل للمشروع إلى مراحل الدراسات، التصميم، التنفيذ، التشغيل والإحلال. كما استوضح الاستبيان عن مسؤولية أطراف المشروع عن الهدر (إن كان له أثر أصلاً) وقسم الاستبيان الأطراف إلى المالك والاستشاري والمقاول وأطراف أخرى. كما كان أحد الأسئلة يدور حول الأسباب الرئيسية في حدوث الهدر في صناعة التشييد وقسمت إلى خمسة أقسام هي الدراسات اللازمة للمشروع، خبرة المالك، خبرة المصمم، خبرة المقاول وخبرة المشرف على المشروع.
في تحليل النتائج أعطيت كل من القوى السالفة الذكر وزناً معيارياً، فكان أقلها (الأثر القليل) بوزن = 1 ثم الأثر المتوسط بوزن = 2 ثم الأثر الكبير = 3 ثم الاثر الكبير جداً = 4 وتم عمل الحسابات اللازمة لهذه الاوزان المعيارية لمعرفة الأعلى أثراً والأقل وهكذا. ولإزالة أثر إختلاف عدد الأسئلة في كل قسم من الأقسام الرئيسية تم عمل normalization لمجموع الأوزان بالقسمة على الاسئلة داخل كل قسم. وستناقش هذه الورقة الأسباب ورؤية أصحاب العلاقة سواء من المهندسين أو الأكاديمين وآرائهم في هذا الخصوص.
النتائج:
1- يظهر الجدول رقم (1) النتائج الإجمالية للإستبيان من عينة مكونة من المهندسين العاملين بالمهنة والأكاديمين عن رأيهم في تأثير المكونات الداخلية والمكونات الخارجية لأي مشروع في الهدر الذي يمكن حدوثه في المشاريع بشكل عام.
المكونات الداخلية للمشروع المكونات الخارجية للمشروع
العنصـر الوزن المعياري النسبة مقارنة بالأصغر لا تأثير
(%) هناك تأثير
( % ) العنصـر الوزن المعياري النسبة مقارنة بالأصغر لا تأثير
(%) هناك تأثير
( % )
الموقـع 44 1.00 _ 100.0 القوانيـن المطبقـة 44 1.00 5.5 94.5
المــواد 44 1.00 5.5 94.5 المنــاخ الإقتصادي 48 1.09 5.5 94.5
المعـدات 46 1.05 5.5 94.5
الخدمات 50 1.14 - 100.0
العمالـة 51 1.16 - 100.0
مجموع الأوزان 235 مجموع الأوزان 92
جدول رقم ( 1 ) الوزن المعياري لتأثير عناصر المكونات الداخلية والخارجية للمشروع على الفاقد
2- ويوضح الجدول رقم (2) إجمالي الوزن للمؤثرات الداخلية مجتمعة وكذلك الخارجية مع أوزانها المعيارية المعدلة normalized.
إجمـــالــي الوزن الوزن المعياري/المعدل (normalized)
المكونات الداخلية للمشـروع 235 47
المكونات الخارجية للمشروع 92 46
جدول رقم ( 2 ) تأثير المكونات الداخلية والخارجية للمشروع على الفاقد في صناعة التشييد
3- ويوضح الجدول رقم (3) الوزن المعياري لتأثير المراحل المختلفة للمشروع على الوفر الذي يمكن حدوثه في صناعة التشييد وعلى تلافي الهدر الحاصل أو الذي يمكن أن يحصل في هذه الصناعة.
العنصر الوزن المعياري النسبة مقارنة بالأصغر ( % ) لا تأثير
(%) هناك تأثير
( % )
مرحــلة الإحــلال والصــيانـــــة 39 1.00 5.5 94.5
مرحلة تشغيل المشروع 42 1.07 5.5 94.5
مرحلــة الدراسـات الأوليــة والجـدوى 56 1.43 ـ 100.0
مرحلــة التنـفيــذ 56 1.43 ـ 100.0
مرحلــة التصــميم 57 1.46 ـ 100.0
مجموع الأوزان 250 الوزن المعدل (250/5) = 50
جدول رقم ( 3 ) الوزن المعياري لتأثير المراحل المختلفة للمشروع على الوفر وملافاة الهدر
4- ومن الجدول رقم (4) يتضح رأي العينة عن مسؤولية الأطراف المختلفة في المشروع (المالك والاستشاري والمقاول) أو أي أطراف أخرى عن الهدر بشكل عام في صناعة التشييد.
أطـراف المشروع الوزن المعياري النسبة مقارنة بالأصغر ( % ) غير مسئول
(%) مسئول
( % )
المـــالــــك 29 1.00 22.2 77.8
الاســتشـــاري 39 1.34 11.1 88.9
المقـــــــاول 53 1.82 ـ 100.0
طـــرف آخـــر 16 72.7 27.8
مجموع الأوزان 137 الوزن المعدل (137/4) = 34.25
جدول رقم ( 4 ) مسئولية أطراف المشروع عن الهدر في صناعة التشييد
وعن أسباب الهدر في صناعة التشييد بشكل عام أوضح الجدول رقم (5) رأي العينة في هذه الأسباب المختلفة وقوة التأثير لكل عنصر من عناصر أسباب الهدر في هذه الصناعة.
العنصـــــر الوزن المعياري النسبة مقارنة بالأصغر ( % ) لا تأثير
(%) هناك تأثير
( % )
خــبــرة المالــك 37 1.00 11.0 89.0
خبــــرة المشرف 53 1.43 5.5 94.5
الدراســة اللازمــة 58 1.57 ـ 100.0
خبـــرة المصـمـم 61 1.65 ـ 100.0
خبـــرة المقــاول 62 1.68 ـ 100.0
مجمــوع الأوزان 271 الوزن المعدل (271/5) = 54.25
جدول رقم ( 5 ) أسباب الهدر في صناعة التشييد وقوة تأثيرها
مناقشة النتائج:
يظهر من الجدول رقم (1) أن العينة ترى أن المكونات الداخلية للمشروع كلها لها تأثير على الهدر والفاقد في صناعة التشييد وأن أكثرها تأثيراً هو عنصر العمالة يليه عنصر الخدمات المختلفة المقترحة للمشروع (بأقل بـ 2%) ثم عنصر المعدات المستخدمة في الصناعة والتي لها تأثير أقل من سابقها بنسبة 9% ثم يليها عنصر المواد المستخدمة في الصناعة وكذلك عنصر الموقع (بتفاصيله من مكان جغرافي وسهولة الوصول إليه وخلافه ...) وهذان العنصران هما أقل من سابقهما بـ 5%. وفيما يخص المكونات الخارجية للمشروع فقد جاء عنصر المناخ الإقتصادي أولاً يليه عنصر القوانين المطبقة في الدولة بأقل بـ 9% من العنصر الأول. في قسم المكونات الداخلية للمشروع هناك إجماع من العينة على أن عناصر الموقع والخدمات والعمالة لها تأثير ما على الهدر في المشروعات بينما أغلبية منهم (بنسبة 94.5%) ترى أن عنصري المواد والمعدات لهما تأثير على الهدر والفاقد. وفي المكونات الخارجية للمشروع هناك أغلبية من العينة (بنسبة 94.5%) ترى أن عنصري القوانين المطبقة والمناخ الإقتصادي لهما تأثير على الهدر والفاقد في صناعة التشييد.
ويمكن إظهار المعلومات من الجدول رقم (1) بشكل بياني في الشكل رقم (1) أدناه:
شكل رقم ( 1 ) عناصر المشروع المسببة للفاقد (مرتبة تنازلياً)
ويتضح من الجدول رقم (2) أن المكونات الداخلية والخارجية لها تأثير متقارب جداً على المشروع حيث تفوقت الأولى على الثانية بنسبة 2% فقط وهذا يوضح أن كلا العنصرين للمكونات الداخلية والخارجية هما بنفس الأهمية للعينة الممسوحة في هذا البحث. ويمكن تشكيل المكونات الداخلية والخارجية للمشروع في شكل رقم (2) الذي يوضح علاقة هذه المكونات بمناخ المشروع بذاته أو بمناخ صناعة التشييد بشكل عام وعلاقة هذين بالمناخ الإقتصادي العام في الدولة.
شكل رقم ( 2 ) المكونات الداخلية والخارجية للمشروع وعلاقاتها بالمناخات العامة
ومن الجدول رقم (3) يظهر أن هناك إتفاقاً تاماً بين أفراد العينة على أن مرحلة الدراسات الأولية والجدوى ومرحلة التصميم ومرحلة التنفيذ لها تأثير ما على المشروع وعلى صناعة التشييد بينما كان اتفاقهم كبيراً على أن مرحلة تشغيل المشروع ومرحلة الإحلال والصيانة لها تأثير على الهدر في صناعة التشييد حيث ذكر 94.5% من العينة أن لهاتين المرحلتين تأثيراً في الفاقد في المشروعات وذكر ما نسبته 5.5% من العينة أن لا تأثير هناك لهاتين المرحلتين على الفاقد. وقد صنفت العينة مرحلة التصميم على أنها أهم مرحلة تأثيراً على الهدر يليها بنسبة فرق أقل من 2% مرحلة التنفيذ، والتي تتساوى حسب رأي العينة مع مرحلة الدراسات الأولية والجدوى. وتجيء مرحلة تشغيل المشروع والصيانة الوقائية في مرتبة تالية وبنسبة 33% أقل من سابقتها بينما تأتي مرحلة الإحلال والصيانة الدورية في المركز الأخير وبنسبة أقل من 8% من المرحلة التي تسبقها. ويمكن إظهار المعلومات من الجدول رقم (3) بشكل بياني في الشكل رقم (3) أدناه:
شكل رقم ( 3 ) تأثير المراحل المختلفة للمشروع على الوفر وملافاة الهدر
ومن الشكل رقم (3) أعلاه ومن الجدول رقم (3) أيضاً يمكن رسم خط زمني لمراحل عمر المشروع (المحور X ) بالنسبة والتناسب لطول كل مرحلة من مراحل المشروع مع قوة تأثير كل مرحلة في تلافي الهدر الحادث في صناعة التشييد (على المحور Y). وإذا اعتبرنا أن مرحلة الدراسات الأولية وكذلك مرحلة التصميم هي بقيمة وحدة زمنية واحدة لكل مرحلة (ولتكن ستة أشهر مثلاً للمشاريع المتوسطة الحجم) فإن مرحلة التنفيذ يمكن أن تكون بقيمة ثلاث وحدات زمنية، بينما مرحلة التشغيل والصيانة الوقائية مرحلة طويلة قد تكون بقيمة عشرات الوحدات الزمنية، ثم مرحلة الإحلال والتي تأتي في مرحلة زمنية متأخرة لمراحل عمر المشروع وقد تكون في نهاية العمر الإفتراضي. يوضح الشكل رقم (4) أدناه قوة التأثير للمراحل المختلفة لعمر المشروع على تلافي الفاقد والهدر في المشروع ويتضح منها أن أول 5% من عمر المشروع (والذي يتكون من مراحل الدراسات الأولية والتصميم والتنفيذ) هي أهم مرحلة تأثيراً على الفاقد وهي الفرصة الكبرى لبذل المجهود لتقليل الهدر قدر الإمكان.
الإحلال التشغيل والصيانة الوقائية التنفــــيـــذ التصميم الدراسات الأولية
مــراحــل المشــروع
شكل رقم ( 4 ) قوة تأثير مراحل المشروع المختلفة على التقليل من الهدر لمراحل عمر المشروع
من الجدول رقم (4) تتضح مسؤولية أطراف المشروع المختلفة، فقد صوتت العينة بنسبة 100% على أن المقاول له تأثير على الهدر في صناعة التشييد، بينما لم تتفق على سواه بهذا الإجماع، ورأت بنسبة حوالي 89% أن الاستشاري له تأثير في ذلك وبنسبة أقل (حوالي 78%) أن المالك له تأثير على الهدر في المشروعات. وكانت قلة من العينة (حوالي 28%) ترى أن أي طرف آخر له تأثير على الهدر في صناعة التشييد. ويوضح الشكل البياني رقم (5) أدناه أن العينة وضعت المقاول على رأس الأطراف التي لها التأثير الأكبر على الهدر في صناعة التشييد يليه (بنسبة 36% أقل) الاستشاري ثم المالك (بنسبة 34% أقل من سابقه)
شكل رقم ( 5 ) مسئولية أطراف المشروع عن الهدر في صناعة التشييد
حدد البعض (الطرف الآخر) بـ [ صانعي المواد، المناخ الإقتصادي، السياسات المتبعة، النظم السائدة، الروتين ]
وحددت أقلية من العينة ما هي الأطراف الأخرى التي تعتقد أن لها تأثيراً على الفاقد ورغم أن 28% فقط من العينة رأت ذلك فقد حددوا أن الطرف الآخر هم مصنعو المواد والمناخ الإقتصادي والسياسات المتبعة والنظم السائدة والروتين.
ورأي العينة في التأثير الكبير للمقاول يعود إلى أن كثيراً من الخيوط هي في يده من العناصر المذكورة في صدر هذه الفقرة من تحليل النتائج: مثل العمالة والمعدات والمواد، بيما يأتي المالك كأقل المؤثرين في الهدر لأن قليلاً من هذه الخيوط أصلاً في يده ولكن يقع عليه عنصر اختيار الموقع وتأثيره على عنصر الخدمات المقدمة للمشروع مثل (تصميم، إشراف، تأمين، نقل، ضمانات بنكية، رخص، أبحاث تربة، دراسات استشارية، مرور، سلامة، مختبرات مواد) بينما يأتي الاستشاري في موقع متوسط بين الاثنين السابقين لأنه المصمم وبالتالي تكون خيارات المواد نسبياً في يده وهو كذلك المشرف على المشروع وبيده بعض الخيوط الأخرى التي يمكن أن تكون مؤثرة في الوفر أو الهدر. إن اقتصاديات المالك وقدرته على التوفير أو أخطائه المسببة للهدر تتقاطع بشكل واضح مع اقتصاديات المقاول وقدرته على التوفير كذلك أو تسببه في الفقد في أي مشروع، وأن هناك مساحة مشتركة يمكن للطرفين أن يتعاونا فيها للتخفيف من الآثار السلبية للهدر على الصناعة. ويمكن توضيح هذه العلاقة بشكل بياني في الشكل رقم (6) أدناه.
شكل رقم ( 6 ) تقاطعات تأثير الفاقد على الإقتصاديات الفردية/العامة
إن اقتصاديات هذين الطرفين هي دائرتان مهمتان في منظومة اقتصاديات قطاع التشييد في أي بلد كان، وهذه الأخيرة هي عنصر مهم في اقتصاديات أي مدينة أو دولة لما يمثله قطاع التشييد من أهمية في النشاط الاقتصادي العام ويمثل 15% من الناتج القومي الكلي للدول بشكل عام.
إذا بحثنا في أسباب الهدر بشكل عام في صناعة التشييد فيمكن من الجدول رقم (5) استنتاج أن العينة أجمعت على أن خبرة المقاول وخبرة المصمم والدراسات الأولية اللازمة هي عناصر لها تأثير على الهدر في الصناعة، بينما رأت العينة بنسبة 94.5% أن خبرة المشرف لها تأثير على الهدر والفاقد بينما، وبنسبة أقل، رأت نسبة 89% من العينة أن خبرة المالك لها تأثير على الهدر في الصناعة. ويمكن إظهار المعلومات من الجدول رقم (5) في الشكل البياني رقم (7) أدناه.
شكل رقم ( 7 ) أسباب الهدر في صناعة التشييد وقوة تأثيرها (مرتبة تنازلياً)
ومن الجدول رقم (5) والشكل رقم (7) يتضح أن العينة وضعت ثقلها وراء أن خبرة المقاول هي أكبر مؤثر في أسباب الهدر في المشروعات يليها وبفرق بسيط (أقل من 2%) خبرة المصمم كعنصر مؤثر في عمليات الفقد والهدر، ويأتي بعدها عنصر الدراسات اللازمة للمشروع (بنسبة أقل بـ 5% من سابقتها) ثم يأتي عنصر خبرة المشرف وأثرها على عمليات الفاقد في المشروعات (بنسبة 9% أقل من سابقتها) ويأتي في آخر القائمة عنصر خبرة المالك (بنسبة 43% أقل من سابقتها). ويتضح هنا أن العينة ما زالت تضع المسؤولية الأكبر على المقاول وخبرته كمؤثر رئيسي في عملية الفقد والهدر في صناعة التشيد، ولا تعفي المصمم والمشرف من ذلك وتضعهما في مرتبة تالية للمقاول، دون أن تغفل أهمية الدراسة اللازمة للمشروع مثل (ضعف الدراسة، قلتها، خطؤها)، ورغم أن 89% من العينة ترى أن خبرة المالك يمكن أن تكون عنصر تأثير في الهدر إلا أن هذا التأثير هو تأثير ضعيف ولا يمثل إلا أقل من 60% من مسؤولية المقاول في هذا الخصوص. ولأن هذه العناصر من الأسباب هي عناصر متداخلة ولا تعمل منفردة في الفراغ فيمكن توضيح هذه العلاقات وقوة تأثيرها على غيرها في الشكل البياني رقم (
أدناه والذي يوضح التداخلات في العلاقات والتشابك الذي يتضح منه أن صناعة التشييد تقوم على ركائز عدة ولا تعمل كل ركيزة منفصلة عن الأخريات.
شكل رقم ( 8 ) قوة تأثير العوامل المختلفة على الهدر
التوصيات:
1- يقترح الباحث الإهتمام بعنصر العمالة وتدريبها وحسن إدارتها وتدريب مهندسي المواقع ومهندسي إدارة المشروعات على حسن إدارة هذا العنصر حيث أن أثر حسن إدارته سيعود مباشرةً بالفائدة على صناعة التشييد. وينطبق نفس الشيء على عنصر المعدات المستخدمة في المشروعات.
2- يوصي الباحث بزيادة الإهتمام بمرحلة التصميم ومرحلة الدراسات الأولية للمشروعات وكذلك مرحلة التنفيذ حيث تمثل هذه المراحل الثلاث 5% فقط من عمر المشروع بينما يعود الأثر الإيجابي على توفير الهدر منها بنسبة لا تقل عن 70% وهو ما أثبتته هذه الدراسة ويتفق مع الأدبيات المنشورة في هندسة القيمة.
3- الاهتمام بتأهيل وتصنيف المقاولين حيث اتضح من الدراسة أن المقاول هو الطرف الأكثر تأثيراً في الهدر والفاقد في صناعة التشييد ويستلزم ذلك البحث بعمق في آليات ترقية آداء شركات المقاولات بمختلف أحجامها.
4- الاهتمام بتأهيل وتصنيف الاستشاريين لما لهم من أثر كبير على اقتصاديات المشروع وأثرهم في تقليل الهدر في صناعة التشييد.
5- توعية الملاك الصغار والكبار بمسألة أثر المالك على إقتصاديات المشروع وإمكانية مساهمته إما في زيادة أو تقليل الهدر الحاصل في صناعة التشييد بما أن ذلك يعود على اقتصاديات قطاع التشييد كله بالأثر (إما سلباً أو إيجاباً) ويؤثر بالتالي على إقتصاديات المدينة و/أو الدولة ككل.
6- الإهتمام بالدراسة اللازمة للمشروعات مثل دراسات الجدوى والدراسات المرورية وأبحاث التربة وغيرها وإعطاؤها حقها من التكاليف والوقت والإهتمام حيث ثبت أن ضعف هذه الدراسة يؤثر سلباً على اقتصاديات صناعة التشييد.
العمل المستقبلي:
1- يمكن تعميم هذه الدراسة على المملكة العربية السعودية ككل حيث قد أجريت هذه الدراسة على مدينة جدة فقط ويمكن اعتبار هذه الدراسة دراسة أولية في الموضوع Pilot Study.
2- يمكن التركيز على أعلى العناصر الظاهرة في هذه الدراسة تأثيراً على اقتصاديات صناعة التشييد وهي العمالة والخدمات المساندة وكذلك التركيز على دراسة المقاول كطرف رئيسي والبحث بعمق في أسباب ترقية أدائه.